فصل: 3- الدفن وقت الطلوع والاستواء والغروب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.2- أن تتبع بنار:

لأن ذلك من أفعال الجاهلية.
قال ابن المنذر: يكره ذلك كل من يحفظ عنه من أهل العلم.
قال البيهقي: وفي وصية عائشة وعبادة بن الصامت وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم: أن لا تتبعوني بنار.
وروى ابن ماجه: أن أبا موسى الاشعري حين حضره الموت قال: لا تتبعوني بمجمر.
قالوا: أو سمعت فيه شيئا؟ قال: نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فإن كان الدفن ليلا واحتاجوا إلى ضوء فلا بأس به، وقد روى الترمذي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج.
وقال: حديث ابن عباس حديث حسن.

.3- قعود المتبع لها قبل أن توضع على الأرض:

قال البخاري: من تبع جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال فإن قعد أمر بالقيام ثم روى عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا فمن تبعها فلا يقعد حتى توضع».
وروى عن سعيد المقبري عن أبيه قال: كنا في جنازة.
فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع، فجاء أبو سعيد رضي الله عنه فأخذ بيد مروان فقال: قم فوالله لقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك، فقال أبو هريرة: صدق رواه الحاكم.
وزاد: أن مروان لما قال له أبو سعيد: قم، قام.
ثم قال له: لم أقمتني؟ فذكر له الحديث.
فقال لأبي هريرة: فما منعك أن تخبرني؟ فقال: كنت إماما فجلست فجلست.
وهذا مذهب أكثر الصحابة والتابعين والأحناف والحنابلة والاوزاعي وإسحاق.
وقالت الشافعية: لا يكره الجلوس لمشيعها قبل وضعها على الأرض.
واتفقوا على أن من تقدم الجنازة فلا بأس أن يجلس قبل أن تنتهي إليه.
قال الترمذي: روي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم كانوا يتقدمون الجنازة ويقعدون قبل أن تنتهي إليهم، وهو قول الشافعي.
فإذا جاءت وهو جالس لم يقم لها.
وعن أحمد قال: إن قام لم أعبه، وإن قعد فلا بأس.

.4- القيام لها عندما تمر:

لما رواه أحمد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ.
قال: شهدت جنازة في بني سلمة، فقمت فقال لي نافع بن جبير: اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت حدثني مسعود بن الحاكم الزرقي أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كان النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك: وأمرنا بالجلوس.
ورواه مسلم بلفظ: رأينا النبي صلى الله عليه وسلم قام فقمنا، فقعد فقعدنا يعني في الجنازة، قال الترمذي: حديث علي حسن صحيح وفيه أربعة من التابعين بعضهم عن بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.
قال الشافعي: وهذا أصح شيء في هذا الباب.
وهذا الحديث ناسخ للحديث الأول: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا».
وقال أحمد: إن شاء قام وإن شاء لم يقم، واحتج بان النبي صلى الله عليه وسلم قد روي عنه أنه قام ثم قعد.
وهكذا قال إسحق بن إبراهيم.
ووافق أحمد وإسحق ابن حبيب وابن الماجشون من المالكية.
قال النووي: والمختار: إن القيام مستحب، وبه قال المتولي وصاحب المذهب.
قال ابن حزم: ويستحب القيام للجنازة إذا رآها المرء.
وإن كانت جنازة كافر حتى توضع أو تخلفه، فإن لم يقم فلا حرج.
استدل القائلون بالاستحباب بما رواه الجماعة عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع» ولأحمد: وكان ابن عمر إذا رأى جنازة قام حتى تجاوزه.
وروى البخاري ومسلم عن سهل بن حنيف وقيس بن سعد أنهما كانا قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما.
فقيل لهما: إنها من أهل الأرض - أي من أهل الذمة - فقالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له: إنها جنازة يهودي فقال: «أو ليست نفسا».
وللبخاري عن أبي ليلى قال: كان ابن مسعود وقيس يقومان للجنازة.
والحكمة في القيام، ما جاء في رواية أحمد وابن حبان والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا «إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس»، ولفظ ابن حبان «إعظاما لله تعالى الذي يقبض الارواح».
وجملة القول: إن العلماء اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من ذهب إلى القول بكراهة القيام للجنازة، ومنهم من ذهب إلى استحبابه، ومنهم من رأى التخيير بين الفعل والترك، ولكل حجته ودليله.
والمكلف إزاء هذه الاراء له أن يتخير منها ما يطمئن له قلبه والله أعلم.

.5- اتباع النساء لها:

لحديث أم عطية قالت: نهينا أن نتبع الجنائز، ولم يعزم علينا رواه أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه.
وعن عبد الله ابن عمرو قال: بينما نحن نمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ بصر بامرأة لا نظن أنه عرفها، فلما توجهنا إلى الطريق وقف حتى انتهت إليه، فإذا فاطمة رضي الله عنها فقال: «ما أخرجك من بيتك يا فاطمة؟» قالت: أتيت أهل هذا البيت، فرحمت إليهم ميتهم، وعزيتهم فقال: «لعلك بلغت معهم الكدى؟» قالت: معاذ الله أن أكون قد بلغتها معهم وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر قال: «لو بلغتها ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك» رواه أحمد والحاكم والنسائي والبيهقي، وقد طعن العلماء في هذا الحديث وقالوا إنه غير صحيح لأن في سنده ربيعة بن سيف وهو ضعيف الحديث، عنده مناكير.
وروى ابن ماجه والحاكم عن محمد بن الحنفية عن علي رضى الله عنه.
قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس، فقال: «ما يجلسكن؟ قلن: ننتظر الجنازة قال: هل تغلسن؟ قلن: لا قال: هل تحملن؟ قلن: لا قال: هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن: لا قال: فارجعن مأزورات غير مأجورات».
وفي إسناده دينار بن عمر، قال أبو حاتم: ليس بالمشهور.
وقال الأزدي: متروك.
وقال الخليلي في الارشاد: كذاب.
وهذا مذهب ابن مسعود وابن عمر وأبو أمامة وعائشة ومسروق والحسن والنخعي والاوزاعي وإسحاق والحنفية والشافعية والحنابلة.
وعند مالك: أنه لا يكره خروج عجوز لجنازة مطلقا، ولا خروج شابة في جنازة من عظمت مصيبته عليها بشرط أن تكون مستترة ولا يترتب على خروجها فتنة.
ويرى ابن حزم أن ما استدل به الجمهور غير صحيح، وأنه يصح للنساء اتباع الجنازة.
فيقول: ولا نكره اتباع النساء الجنازة، ولا نمنعهن من ذلك.
جاءت في النهي عن ذلك آثار ليس شيء منها يصح، لأنها إما مرسلة، وإما عن مجهول.
وإما عمن لا يحتج به.
ثم ذكر حديث أم عطية المتقدم وقال فيه: لو صح مسندا لم يكن فيه حجة، بل كان يكون كراهة فقط، بل قد صح خلافه كما روينا من طريق شعبة: عن وكيع عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو ابن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة، فرأى عمر امرأة، فصاح بها.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعها يا عمر فإن العين دامعة، والنفس مصابة، والعهد قريب».
قال: وقد صح عن ابن عباس أنه لم يكره ذلك.

.6- ترك الجنازة من أجل المنكر:

قال صاحب المغني: فإن كان مع الجنازة منكر يراه أو يسمعه، فإن قدر على إنكاره وإزالته أزاله، وإن لم يقدر على إزالته ففيه وجهان: أحدهما ينكره ويتبعها فيسقط فرضه بالانكار ولا يترك حقا لباطل.
والثاني يرجع لأنه يؤدي إلى استماع محظور ورؤيته مع قدرته على ترك ذلك.

.الدفن:


.1- حكمه:

أجمع المسلمون على أن دفن الميت ومواراة بدنه فرض كفاية، قال الله تعالى: {ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا}.

.2- الدفن ليلا:

يرى جمهور العلماء أن الدفن بالليل كالدفن بالنهار سواء بسواء.
فقد دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر ليلا، ودفن علي فاطمة رضي الله عنها ليلا، وكذلك دفن أبو بكر وعثمان وعائشة وابن مسعود.
وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له بسراج فأخذه من قبل القبلة وقال: «رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن» وكبر عليه أربعا رواه الترمذي وقال: حديث حسن قال: ورخص أكثر أهل العلم في الدفن بالليل.
وإنما يجوز ذلك إذا كان لا يفوت بالدفن ليلا شيء من حقوق الميت والصلاة عليه.
فإذا كان يفوت به حقوقه والصلاة عليه وتمام القيام بأمره، فقد نهى الشارع عن الدفن بالليل وكرهه، روى مسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل ودفن ليلا، فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل إلا أن يضطر إلى ذلك.
وروى ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا».

.3- الدفن وقت الطلوع والاستواء والغروب:

اتفق العلماء على أنه إذا خيف تغير الميت فإنه يدفن في هذه الاوقات الثلاثة بدون كراهة.
أما إذا لم يخش عليه من التغير، فإنه يجوز دفنه في هذه الاوقات عند الجمهور ما لم يتعمددفنه فيها فإنه حينئذ يكون مكروها، لما رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن عن عقبة قال: «ثلاث ساعات كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيها أو نقبر فيها موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب».
وقالت الحنابلة يكره الدفن في هذه الاوقات مطلقا للحديث المذكور.

.4- استحباب إعماق القبر:

القصد من الدفن أن يوارى الميت في حفرة تحجب رائحته، وتمنع السباع والطيور عنه، وعلى أي وجه تحقق هذا المقصود تأدى به الفرض وتم به الواجب، إلا أنه ينبغي تعميق القبر قدر قامة، لما رواه النسائي والترمذي وصححه عن هشام بن عامر.
قال: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد.
فقلنا: يا رسول الله، الحفر علينا لكل إنسان شديد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احفروا، وأعمقوا، وأحسنوا، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد» فقالوا: فمن نقدم يا رسول الله؟ قال: «قدموا أكثرهم قرآنا» وكان أبي ثالث ثلاثة في قبر واحد..

وروى ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عمر أنه قال: أعمقوا إلى قدر قامة وبسطة.
وعند أبي حنيفة وأحمد يعمق قدر نصف القامة. وإن زاد فحسن.

.5- تفضيل اللحد على الشق:

اللحد هو الشق في جانب القبر جهة القبلة، ينصب عليه اللبن فيكون كالبيت المسقف.
والشق حفرة في وسط القبر تبنى جوانبها باللبن يوضع فيه الميت ويسقف عليه بشئ، وكلاهما جائز، إلا أن اللحد أولى، لما رواه أحمد وابن ماجه عن أنس قال: «لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد، وآخر يضرح، فقالوا: نستخير ربنا ونبعث إليهما، فأيما سبق تركناه، فأرسلوا إليهما، فسبق صاحب اللحد، فلحدوا له» وهذا يدل على الجواز.
أما ما يدل على أولوية اللحد، فما رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللحد لنا، والشق لغيرنا».

.6- صفة إدخال الميت القبر:

من السنة في إدخال الميت القبران يدخل من مؤخره إذا تيسر، لما رواه أبو داود وابن أبي شيبة والبيهقي من حديث عبد الله بن زيد: أنه أدخل ميتا من قبل رجليه القبر وقال: هذا من السنة فان لم يتسر فكيفما أمكن.
قال ابن حزم: ويدخل الميت القبر كيف أمكن، إما من القبلة، وامامن دبر القبلة، واما من قبل رأسه.
واما من قبل رجليه، إذ لانص في شيء من ذلك.

.7- استحباب توجيه الميت في قبره الى القبلة والدعاء له وحل أربطة الكفن:

السنة التي جرى عليها العلم، أن يجعل الميت في قبره على جنبه الايمن ووجهه تجاه القبلة.
ويقول واضعه: بسم الله وعلى ملة رسول الله، أو وعلى سنة رسول الله ويحل أربطة الكفن.
فعن ابن عمر - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كان إذا وضع الميت في القبر، قال: بسم الله وعلى ملة رسول الله، أو، وعلى سنة رسول الله» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه، ورواه النسائي مسندا وموقوفا.

.8- كراهة الثوب في القبر:

كره جمهور الفقهاء وضع ثوب أو وسادة أو نحو ذلك للميت في القبر.
ويرى ابن حزم أنه لا بأس ببسط ثوب في القبر تحت الميت، لما رواه مسلم عن ابن عباس، قال: بسط في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قطيفة حمراء، قال وقد ترك الله هذا العمل في دفن رسوله المعصوم من الناس ولم يمنع منه، وفعله خيرة أهل الأرض في ذلك الوقت باجماع منهم، لم ينكره احد منهم.
واستحب العلماء أن يوسد رأس الميت بلبنة أو حجر أو تراب، ويفضى بخده الايمن إلى اللبنة ونحوها، بعد أن ينحى الكفن عن خده، ويوضع على التراب، قال عمر: إذا انزلتموني الى اللحد فأفضوا بخدي الى التراب.
واوصى الضحاك أن تحل عنه العقد ويبرز خده من الكفن، واستحبوا أن يوضع شيء خلفه من لبن أو تراب يسنده، لا يستلقى على قفاه.
واستحب أبو حنيفة ومالك وأحمد، أن يمد ثوب على المرأة عند إدخالها في القبر دون الرجل، واستحب الشافعية ذلك في الرجل والمرأة على السواء.